الحب قبل الزواج
حبك الشيء ، يسمى ويصم.
تلك هى القضية، الحب والعشق، وهى قضية متكررة حتى قال القائل :
وما الناس إِلا العاشقون ذوو الهوى لماجدة الأعراق باد عفافها
وقال آخر :
اًف:ّ لدنيا إِذا لم يكن صاحب الدنيا معبَّا أو حبيباً
وهذا هو الحب أو العشق الدْي كرهه كثير من العلماء ، وقد جبلت الأمس على هذا الحب وفطرت حتى قيل ليحيى بن معاذ الرازي): ،ان ولدك يعشق
فقال : الحمد للّة الذي صيرّه إلى طبع الاَدميين والإسلام ليس ضد الحب ولا يحاربه، وإنما كره الإسلام أن يضر الحب بالعبد في دينه ودنياه حتى يصير الحب حاجبَا بين الله تعالى والعبد، فسقط العبد من عين اللًه تعالى فطرده من رحمته .
يقول الإمام ابن قيم الجوزية :
ولم يزل الخلفاء الراشدون، والرحماء من الناس يشفعون للعشاق .الى معشوقيهم الجائز وصلهن حتى إن عمر رضي اللَّه عنه سأله رجل فقال : رأيت امرأة فعشقتها فقال : ذلك ما لا تملك . وكذلك علي بن آْي طالب رضي اللْهّ عنه فقد اُّتي به غلام من الحرب وُجد فهي دار قوم بالليل
فقال له : ما قصتك ؟
قال : لست بسارق، ولكنى اًصدقك ثم أنشأ يقول :
تعلقت فى دار الرًياحى خَوْدة يدْل لها من حسن منظرها البدر
لها في بنات الروم حسن ومنصب إِذا افتخرت بالحسن خافتها الفخر
فلما طرقتُ الدار من حَرّ مهجتي أبيت وفيها من توقدها الجمر
تبادر أهل الدار بى ثم صبَحوا هو اللص محتومًا له القى والأَسْر
فلما سمِع علي س أبي طالب رضي اللّه عنه شعره رقّ له، وقال للمهلب ابن رياحِ ا
اسمح له بها .
فقال : يا أمير المؤَمنين سله منْ هو ؟
فقال: النهَاس بن عيية
فقال : خذها فهي لك .واشترى معاوية جارية فاَ’عجب بها إعجاباً شديدًا ؛ فسمعها يوماً تنشد أبياتاً منها:
وفارقته كالغصن يهتز في الثرى طريدًا وسيمًا بعد ما طرَ شاربه ….
فسألها فاخبرته أنها تحب سيدها، فردّها إليه، وفي قلبه منها .
وذكر الزمختشرىِ في ربيِع الأبرار أن زُبيدة قرأت في طريق مكة على حائط : أما في عباد اللُه أو في إِمائه له مقلة أمّا الأمائه كريم يُخلًي الهرمَ من ذاهب العقل؟ له مقلة اما الأماقي قريحه وأما الحشا فالنار منه على وجل
فنذرت أن تحتال لقائلهما إن عرفته حتى تجمع بينه وبين من يحبه، فبينا هي بالمزدلفَةَ اذ سمعت من ينشد البيتين، فطلبته، فزعم أنه قالهما فهي ابنة عم له نذر أهلها أن لا يزوجوها منه، فوجهت إلى الحي، فما زالت تبذل لهم المال حتى زوّجوها منه، واذا المرأة أعشق له منه لها، فكانت تعد ذلك من أَعظم حسناتها(ا).
وهذا عبد اللْهّ بن عمر رضي اللًه عنهما اشترى جارية رومية فكان يحبها حُباَّ شديدًا، فوقعت ذات يوم عن بغلة له، فجعل مَسح التراب عن وجهها ويقبلها، وكانت تكثر اْن تقول له : يا بطرون أنت قالون – يعني أنت جيد يا مولاي – . فهربت منه فحزن وقال:
قد كنت أحسبني قالون فانصرفت فاليوم أعلم أني غير قالون
ولقد سستلوا يومًا عن الميت عشقًا فقيل : (قتيل الهوى لا عقل له، ولا قود) أي لا دية له، ولا قصاص .
فهذا هو الحب الذي كان عليه – ولا زال – معظم الناس، لا يرى القوم فيه عيبًا إلا بشرط أن لا يعصي اللًه تعالى فيه، والعفة اقوى، والصيام يقوي عليها، ولقد قال الله للشباب ذكراناً وإناثاَّ: ((وَلْيَسْتَعْفِفِ الدَِينَ لا يَجدُونَ نكاحا)) دخل في ذلك أيضاً المحبون والعشاق .
ولكن الغريب فىِ هذا الزمان ان كثيرًا من الناس يزعمون أن الزواج عن حب هو شرط هام للزواجِ حتى إن كثيرًِا منهم يقدم على تأخير الزواج حتى يجد من يحبها، أو تجد من تحبه، أو ربما رفضت صاحب الخلق والدين لأنها تحب غيره وقد تعامت عن صفاته السيئة فحبك الشيء يعميك ويصمك عن
رؤية مٹالب ومعايب المحبوب، حتى ينتهي االاًمر بزواج الطلاق فيه أسرِع من دخول النفس وخروجه بعد أن يتحقق كلا الطرفين من عدم صلاحية الاَخر له.
والغريب ،انك تسمع عن مصطلحات غريبة (الحب صعب)، و(العشق قاتل)، و(لا أقدر أن أعيش مِع فلان لأني لا أحبه) وهل كل البيوت تبنى على الحب مثلاً؟
وتجد الشاب من هؤلاء طيلة ليله يعد نجوم السماء، وفي الصباح تغيب النجوم فيعد (بلاط) الحجرة، وكل ما في الأمر أنه لم يغض بصره ، فوقع في فخ امرأة تدبر وتقبل في صورة شيطان وفي حديث جابر بن عبد اللًه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى زينب فقضى منها وطره ثم قال : ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبير في صورة شيطان، فإذا رأى أحد كم امرأة فأعجبته فليأت اَّهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه ))(١) هذا للمتزوج، ‘اما غيره ممن لم يتزوج فله أن يتصرف عن طريق أمرين :
أن يغض بصره عماّ حرم اللهْ تعالى أو ليس هو سبحانه القائل : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يغضُوا مِنْ اًبْصَاوهِمْ وَيحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلكَ اَّزكىْ لَهُمْ) (( وقال للمؤمنات: ((وَقُل لَلْمُؤْمِنَات يَغضضْنَ مِنْ اَّبْصَارِهِنً وَِيَحّفَظْنَ فَرُوجهُنَّ ولا يبُدِْينَ زِينَتَهُنَّ ))
فالأمر للمؤمنين والمؤمنات أمر عام بغض البصر.
وللمؤمنات: أمر خاص بعدم ،ابداء الزينة حتى لا يتتبعهن كلاب بني آدم المسعورون الذين يستيقظ أحدهم من نومه حتى يذهب يبحث عن (لحم رخيص) يلهث وراءه كالكلب ينبح على كل من يراه . واغرب من هذا أن آباء زعموا أن الجينز أو البنطلون يستتر، ونسسوا أنه يجعل الصورة مجسمة فأشعل سعار الشهوة في قلوب الشباب، ونذكرهم أن سورة النور قد بدأت بقوله تعالى ((سُورَةٌ اَّنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا))النور:1 ، فبدأت بالفرض، لانها ستنتهىِ
بفرض اَخر وهو الحجاب فې قوله تعالى : ((وَِلْيَضْربْن بِخمُرهِنً عَلىْ جُيُوبِهنَّ))
فغض البصر معين على اتقاء الوقوعِ في العشق
وكل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصمغر الشرر
الأمر الثاني:الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم الذي يبدي لك المرأة في
صورة حوراء حين تسير أمامك وقد اّبدت زيتها، كما يزين لشارب الخمر أن يشربها وهو المشروب ذو الرائحة الكريهة، وكذلك غير المتحجبة كريهة المنظر والرائحة. عاصية لربها مجاهرة به بعصيانها.
واعلم أن نظر اللْه تعالى اسبق إليك من نظرك إليها، و ان النظرة الاولى لك والثانية عليك، فسرعان ما تستعين باللّه حتى بميذْك من شيطانك .
ولكَن كيف تعرف النظرة الأولى من الثانية ؟ النظرة الأولى حين وقوع عينيك خطأ على المرأة ، لا أن تقصد أن تراها فتكون هذه الأولى، والخطأ الشانې الشاتَِع ين الشباب أن النظرة الأولى هي أنك تظل ناظرًا إليها لا تحيد عنها حتى تذهب، وهذا خطأ فهل يعقل مثلاً أن أنظر إلى امرأة من ميدان رمسيس إلى حلوان ولا زلت في النظرة الأولى ؟!
اللهّ اكبر . . . هذه واللًه تشريعات شبابنا اليوم نسأل اللًه تعالى لهم الًهداية .
ولقد جعل الشيطان النظرة سهمًاَ مسمومًا من سهامه، وعادة ما يبدأ الحب من نظرة، فابتسامة، فموعد، فلقاء ، فحب، وعشق، فزواج عرفي، فاًطفال زنا على أرصفة الشوارع، وأمام اَّبواب المساجد، وقضايا زنا وخيانة أمام المحاكم وقضايا إثبات نسب، واًحكام بالاعدام؛ لاْن والد القتاة أو أخاها قتلوا العاشق الولهان.
بل ومشاجرات بين الشباب للفوز بملكَة جمال (الحارة) أو الشارِع تنتهي
بفقدان الاثنين وفي النهاية تبقى البنت أرضًا يحرثها من يشاء من الرجال ، وتزوج بمن يصلح لها من وجهة نظرها ويبقى الحب سراباَ ووهمًا
والعلاجِ هو أن تكبت هذا الأمر فالحب لا يهزم ولا يقاوم، والاستجابة للحب مثل مقاومته تماماً، وما المقاومة للحب الا استجابة بطيئة في حضور نفسك والشيطان ، فالجأ الى اللًهّ تعالى واستغفره ، وصُم ، وصلّ، وتصدق، واطلب الْعون منه سبحانه وتعالْى، فالقلُوب بين إصبعين من أصابعه يقلْبها كيف شاء.
ومعظم أحوال الحب قبل الزواج تكون بين طرفين متناقضين تمامًا، وتُخلف في إطار من الكذب والزور في محاولة كل منهما للتسلىِ بالآخر، وهىِ مسألة واضحة تماماً في حالات هذا الزمان .